بات من الواضح أن وباء كورونا لم ينتهِ زمنه ومفعوله بعد، فعداده الى ارتفاع ، بسبب التفلت من الإجراءات الوقائية والمتحوّرات الجديدة. ولا زال يفتك بصحة الناس في كل القارات، وبخاصة في القارتين الأوروبية والأمريكية، رغم المناعة المجتمعية المرتفعة عندهم و نسبة التلقيح العالية. وعادت الحكومات والمنظمات الصحية تشدد مجددا على التقيد بالإجراءات الوقائية.
وفي لبنانمخاوف جدية من تعرضنا للدخول في موجة وباء جديدة، نتيجة الزيادات المرتفعة للإصابات حوالي 600 إلى 900 حالة يوميًا ، والاستهتار بالإجراءات الوقائية مما أدى إلى ارتفاع نسبة إيجابية الفحوص PCR إلى 5.7% , وهي نسبة عالية, و التأخر في الوصول إلى المناعة المجتمعية. وتدل المؤشرات على أن التفشي المجتمعي عندنا مستمر وهو في المستوى الثالث، بعدما وصل في مراحل التعافي إلى المستوى الأول. نسبة الملقحين في لبنان، رغم توسع حملات التطعيم، لا تزال في حدود 34% اي 1,800,000 مقيم و مواطن. النسبة في بيروت و
جبل لبنان ٣٠٪, بينما هي في الشمال ٤٪ فقط ،وتتصدر عكار المناطق المتدنية في اللقاح، رغم مناشدة وزارة الصحة ونقابة الأطباء المواطنين مرارا لأخذ اللقاح وعدم الاستهتار واللامبالاة تجاه الوباء.
فيروس كورونا بمتحوراته lambda , ،MU ،السريعا الانتشار ، لا يزال حاضرا بقوة ولم تتم السيطرة عليه، وبخاصة عند الفئات العمرية ٢٠-٥٠ عامًا، وبنسبة عالية جدا عند غير الملقحين. اعداد الوفيات يوميًا تتراوح بين ٥-٨ وفيات ، ٩٩٪ هم من غير الملقحين وواحد بالمئة فقط من الملقحين. أن الوضع ينذر باخطار إذا لم يتم التشدد بالإجراءات الوقائية و توسيع حملات التطعيم.
المناعة المجتمعية عندنا وصلت إلى نسبة 60%.
عدد حالات الاستشفاء 300 حالة، عناية مركزة 160 حالة ،و40 حالة مع تنفس اصطناعي.
صحيح أننا قطعنا مرحلة صعبة جدا حتى الآن، ولكننا على وشك انهيار النظام الصحي بسبب الوضع الاقتصادي، ما يرتب على الجميع التعاون الجدي بين القطاعين العام والخاص، خاصة أن اللقاحات عندنا جيدة جدا وفعاليتها بعد الجرعة الأولى هي 50% وترتفع إلى 95% بعد الجرعة الثانية، وتحمي من دخول المستشفى بنسبة 99% في حال الإصابة بالوباء مجددا. وبالامكان أعطاء المواطن عند الجرعة الثانية أو الثالثة لقاحا مختلفًا عن الجرعة الأولى. كل الدراسات دلت على أنه، في غياب اللقاح، تزيد نسبة العدوى والاستشفاء و الوفاة بشكل جدي وكبير. إن الوباء يضرب كل الأعضاء في الجسم بدأ بالرئتين والشرايين والقلب والكلى والكبد والنخاع. من هنا ضرورة تشجيع المترددين على أخذ اللقاح في أقرب وقت ممكن ، حماية لهم ولأحبائهم. كما نشجع على اخذ الجرعة الثالثة بعد ستة أشهر من الجرعة الثانية ،وبخاصة للفئات العمرية التي تزيد عن الستين سنة، ولأصحاب الأمراض المزمنة والمهن المعرضة للعدوى وبخاصة المهن الصحية والتعليمية في الدرجة الأولى. وبالإمكان أيضا إعطاء اللقاح للتلاميذ الذين تزيد أعمارهم عن 12 سنة.
لقد تعلمنا الكثير من هذا الوباء وما زلنا نتعلم، وقد اصبح العلاج ممكنًا عن طريق دواء فعال ويصنّع حاليًا في لبنان remdesivir monoclonal anti body anti viral treatment الذي يخفض نسبة الاستشفاء والوفاة بنسبة ٥٠٪. شرط البدء بالعلاج باكرا، اضافة الى الكورتيزون والاوكسجين، وعلاجات اخرى بحسب كل حالة.
وتبقى الوقاية أفضل علاج في هذه الظروف الصعبة التي نمر بها خاصة في القطاع الاستشفائي والطبي والتمريضي ، الواقف على حافة الانهيار اذا لم يحصل على مساعدات مالية تمكنه من الاستمرار .
اننا ندق ناقوس الخطر مجددا على أبواب الشتاء ، خاصة وأن المستشفيات الحكومية تعاني حيال هذا الكم من المصابين، رغم كل نداءات وبرامج التوعية الصحية التي نُظّمت لهذه الغاية.
في الخلاصة علينا ان نحاول:
١ -ألا نتعرض للوباء، عبر تحاشي التجمعات ، والتقيد بالتدابير الوقائية واستخدام الكمامات وغسل اليدين.
٢-ألا نعرّض احباءنا للوباء.
٣-ان نتلقى اللقاح
٤-ونوسع حملات التوعية والتطعيم وخاصة الجرعة الثالثة لمن هم فوق عمر الستين.
أننا نخشى تفلّتًا جديدا خلال الشهر المقبل، وتحديدًا خلال فترة أعياد آخر السنة، مع التذكير بالكارثة التي أصابت البلاد العام الماضي جراء التساهل غير المبرر في الإجراءات، بحجة فتح البلاد سياحيًا واقتصاديا.
أن كورونا خطر حقيقي وجدي، ويحتاج إلى تدابير أكثر حزما وحسما لمنع تفشيه ، والوضع لم يعد يحتمل، فلنتعاون على التصدي له قبل فوات الأوان.